يهود الفلاشا
طائفة يهودية أثيوبية، يختلف المؤرخون في جذورها. رُحل عشرات الآلاف منها إلى إسرائيل، لتعزيز ديمغرافية الاحتلال، وتكريس الطابع اليهودي لإسرائيل. لكنها واجهت أوضاعا عنصرية دفعتها للاحتجاج على الحكومة في مايو/أيار 2015.
النشأة والجذور
يهود الفلاشا اسم يطلق على اليهود من أصل إثيوبي، ويعني باللغة الأمهرية المنفيون أو الغرباء.
عملت قوات الاحتلال الإسرائيلي على ترحيل عشرات الآلاف منهم إلى فلسطين المحتلة لاستغلالهم في الأعمال البسيطة.
وقد ثار خلاف كبير بين المؤرخين حول أصلهم، وراجت آراء كثيرة بشأن ذلك من أشهرها ثلاث روايات: الأولى تقول إن أصلهم يرجع إلى اليهود الذين استوطنوا مصر وهاجروا إلى الحبشة وعاشوا بها، والثانية تشرح أنهم ينتمون إلى مملكة سبأ، وثالثة تتحدث عن أن أصولهم تعود إلى مملكة النبي سليمان عليه السلام، التي شهدت انتشارا واسعا في المنطقة.
ويرى بعض الكتاب أنه لا توجد معطيات علمية ترجح أيا من الروايات الرائجة بشأن أصلهم، مثلما لا توجد تفاصيل وافية عن معتقداتهم الدينية، سوى أنهم يعتقدون بإله بني إسرائيل وأنه اختارهم دون باقي البشر، وأن غير اليهودي نجس، ويؤمنون بالبعث والنشور وبالحساب في الآخرة، وهم لا يؤمنون بما جاء في التلمود.
عاشوا مجتمعين داخل قرى صغيرة في المنطقة التي تسمى إثيوبيا حاليا، وابتعدوا عن التجارة وفضلوا التركيز على الفلاحة ورعي الأغنام والعمل أجراء في أعمال البناء والخزف والنسيج والحياكة.
ولهم معابد خاصة في إسرائيل، وقد جرى توطينهم في مناطق حدودية مع الدول العربية ليكونوا أول من يضحى به خلال المعارك.
أبرز المحطات
عندما حدثت نكبة فلسطين وأعلن عن قيام دولة إسرائيل عام 1948، اضطر الاحتلال لجلب آلاف المستوطنين لتقوية ديمغرافيته، كما اضطر لنقل عشرات آلاف الفلاشا لاستخدامهم في الأعمال البسيطة، وتكريس الطابع اليهودي ومواجهة النمو الديمغرافي العربي.
وليس متأكَّدا من أن كل المرحلين هم يهود، بل إن راغبين في الهجرة إلى إسرائيل ادعوا أنهم من الفلاشا ليسافروا بحثا عن حياة أفضل، ولم يكن يهم تل أبيب التأكد من أصولهم بقدر ما كان يهمها تكثير سواد الموالين للاحتلال بالأرض المحتلة.
ومن أشهر عمليات نقل الفلاشا ست عمليات هي على التوالي:
-موسى الأولى
وجرى خلالها نقل نحو 2500 شخص إلى إسرائيل سنة 1977.
-حق العودة
وخلالها نقل حوالي 25 ألف سنة 1982.
-موسى الثانية
تمت سنة 1984، وخلالها نقل الآلاف من الفلاشا إلى فلسطين المحتلة جوا من منطقة جنوب السودان بتسهيلات قدمها الرئيس السوادني السابق جعفر نميري.
-سبأ
وقعت عام 1985 وخلالها نقل أكثر من عشرين ألف من الفلاشا بفضل جهود الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب الذي زار الخرطوم وطمأن النميري بشأن ضمانات العملية.
-سليمان
تمت سنة 1991، حيث نقل حوالي 19800 منهم إلى الأرض المحتلة، تحت إشراف نائب رئيس الأركان الإسرائيلي أمنون شاحاك في عهد رئيس الوزراء السابق إسحاق شامير.
-أجنحة الحمام
تمت سنة 2012 حيث سُفر حوالي 7846 من يهود الفلاشا إلى إسرائيل.
المؤثرات والانعكاسات
اعتقد الفلاشا أنهم برحيلهم إلى إسرائيل سينهون حياة الفقر، غير أن الواقع العنصري الذي لقوه داخل الأرض المحتلة على أيدي سلطات تل أبيب كشف أن أمانيهم كانت أضغاث أحلام.
فإلى جانب أنهم أسكنوا في المناطق الحدودية مع الدول العربية والتي تعتبر مناطق ساخنة، فقد عانوا من تمييز في مقاعد الدراسة، وفي سوق الشغل، بل وحتى أثناء ممارسة مهامهم.
وبسبب التراكمات العنصرية ضدهم، ثار يهود الفلاشا بتل أبيب والقدس المحتلة مع بداية مايو/أيار 2015، وخرجوا في مسيرات غاضبة أصيب خلالها العشرات من المحتجين ومن الشرطة بجروح متنوعة.
وخلال تلك المسيرات، سجل شريط فيديو لشرطيين يعتديان على جندي إسرائيلي من يهود الفلاشا. ولقي الفيديو انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر دليلا ساطعا على عنصرية الاحتلال، ما اضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للقاء الجندي، في محاولة منه لتهدئة الأوضاع.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت قرارا يحمل رقم 3379 اعتمد في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1975 يعتبر الصهيونية "شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري".
وجاء القرار الأممي اعتمادا على الوقائع والأحداث التي أثبتتها اللجان المختصة في مختلف مجالات حقوق الإنسان، بل طالب القرار دول العالم بمقاومة الأيديولوجية الصهيونية باعتبار أنها "تشكل خطرا على الأمن والسلم العالميين".
وقد ألغي هذا القرار في ديسمبر/كانون الأول 1991 كشرط لدخول إسرائيل في مفاوضات السلام في مدريد.