غزوة السويق
لم يكن من المتوقع أن يتلقى أهل مكة هزيمتهم من المسلمين بالقبول والاستسلام، ولذلك فإنهم منذ عادوا من بدر أعلنوا أن يوم الانتقام قريب ونذر أبو سفيان ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدًا صلى الله عليه وسلم
ولذلك تعجل أبو سفيان القيام بعمل سريع يعيد به إلى قريش كبرياءها ومكانتها التي فقدتها في بدر، وينال به من المسلمين إرضاء لنزعه الحقد والغيظ التي ملكت القرشيين جميعًا ضد المسلمين وضاعفتها هزيمة بدر
فخرج في مائتي راكب من قريش وذلك في ذي الحجة، أي بعد غزوة بدر بشهرين، يريد المدينة ولما قاربها أتى بني النضير تحت جنح الليل، فأتى حي بن أخطب فلم يقبل مقابلته، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم، وكان سيد بني النضير في زمانه، فاستأذن عليه فأذن له، واجتمع به فعرف منه بعض أخبار المسلمين، وأعلمه أبو سفيان بما عزم عليه وأتى من أجله ثم خرج من عنده ليلاً وبعث رجالاً من قريش إلى المدينة فأتوا ناحية منها يقال لها العريض في طرف المدينة فحرقوا نخلاً بها وقتلوا رجلاً من الأنصار وحليفًا له في حرث لهما ثم كروا راجعين، ورأى أبو سفيان أنه قد بر بيمينه في غزو محمد
وعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في أثرهم وسار معه بعض أصحابه حتى بلغوا قرقرة الكدر( ماء لبني سليم ) ولم يلحقوا بهم لإمعان أبي سفيان وأصحابه في الفرار لخوفهم، حتى أنهم ألقوا ما معهم من الأزواد للتخفف حتى استطاعوا النجاة من جيش المسلمين، وقد سميت غزوة السويق (والسويق هو: قمح أو شعير يغلى ثم يطحن فيتزود به ملتوتًا بماء أو سمن أو عسل) لأن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السويق، فهجم المسلمون على سويق كثير فسميت الغزوة بذلك الاسم