يحتل الانتحار المركز العاشر بين أسباب الوفاة لدى البالغين والسبب الثاني للوفاة بين المراهقين في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك باستخدام السلاح الناري في معظم الحالات.
هذه الأرقام المخيفة دفعت فريقًا من الباحثين في جامعة "أوهايو" لإجراء دراسة؛ لمقارنة بيانات الانتحار ببيانات الحصول على خدمة الصحة النفسية على المستوى القومي الأمريكي، وتحديد ما إذا كانت هناك علاقة بينهما، مشيرين إلى أن "محاولات الانتحار بالمسدس مميتة أكثر من الأساليب الأخرى؛ إذ تؤدي إلى حدوث الوفاة بنسبة تتراوح بين 80% إلى 90%".
ووفق الدراسة، التي نشرتها مجلة "هيلث أفيرز" (Health Affairs) ، فقد وجد الباحثون أن زيادة قوة العمل في مجال الصحة النفسية والسلوكية بنسبة 10% لن تحقق تراجعًا في معدلات الانتحار بالمسدس سوى بنسبة 1.2% فقط، وأن زيادة النسبة إلى 40%، ستضاعف التراجع إلى 4.8% فقط، ما يعني أنه حتى لو تم التغلب على كل أوجه القصور في خدمة الصحة النفسية في الولايات المتحدة بأكملها، فإن حالات الانتحار بالمسدس لن تتراجع إلا بنسبة تقل عن 5%.
يقول "توماس ويكيزر" -الأستاذ بقسم إدارة وسياسات الخدمات الصحية بجامعة أوهايو، ومؤلف الدراسة: "رغم أهمية تعزيز خدمات الصحة النفسية لأسباب أخرى، إلا أن إنفاق أكثر من 15 مليون دولار في هذا المجال لن يمنع إلا بنسبة 1.2% فقط".
ويوضح "ويكيزر"، في تصريحات لـ"للعلم"، أنه "في عام 2017، توفي 39 ألفًا و773 شخصًا في الولايات المتحدة من جَرَّاء استخدام الأسلحة النارية، وكان القتل سببًا في نسبة 37% من هذه الوفيات، و3% قتل خطأ أو في أثناء مطاردة المجرمين لإنفاذ القانون، في حين أن 60% منها كانت نتيجة الاقدام على الانتحار".
وتقول "لورا براتر"، باحثة ما بعد الدكتوراة في طب الباطنة بمركز "وكسنر" الطبي، والمؤلف المشارك في الدراسة: "إن محاولة الانتحار تُعد إنذارًا بضرورة علاج الشخص نفسيًّا، ولكن استخدام الشخص لمسدس يجعل مساعدته أكثر صعوبة. وقد تَبَيَّن أن 7% فقط من الأشخاص الناجين من محاولات الانتحار يعاودون الكرة مرةً أخرى".
من جهته، يؤكد "إيفان جولدشتاين" -طالب الدكتوراة والباحث الرئيسي للدراسة- في تصريحات لـ"للعلم" ضرورة اتخاذ إجراءات مشددة لتقليص معدلات الانتحار، مثل تحسين مبادرات السلامة من الأسلحة النارية، وتقليل إتاحتها للأشخاص الذين قد يُقدِمون على هذه الخطوة.
وتشير الإحصائيات إلى أن القتل باستخدام الأسلحة النارية في الولايات المتحدة أعلى بنسبة 25% عن الدول المتقدمة ذات الدخل المرتفع، وأن الانتحار بهذا السلاح في الولايات المتحدة يبلغ ثمانية أضعاف الدول الأخرى.
يُرجع "ويكيزر" ذلك إلى "انتشار حيازة المسدسات في الولايات المتحدة"، مضيفًا أن "تلك الظاهرة تحتاج إلى خطوات ملموسة لدعم الإجراءات الوقائية، فإلى جانب تعزيز خدمات الصحة النفسية لأسباب أخرى رغم تكلفتها الباهظة، يجب تشديد القوانين على المستوى الفيدرالي والمحلي والخاص بكل ولاية؛ لمنع الموت بالأسلحة النارية".