قصة المطعم بن عدي
مع
رسول الله
دخل رسول الله مكة مرجعه من الطائف في جوار المطعم بن عدي، وازداد قومه عليه حنقا وغيظا وجرأةً وتكذيبا وعنادا، والله المستعان وعليه التكلان.
وقد ذكر الأموي في (مغازيه): أن رسول الله بعث أريقط إلى الأخنس بن شريق، فطلب منه أن يجيره بمكة.
فقال: إن حليف قريش لا يجير على صميمها، ثم بعثه إلى سهيل بن عمرو ليجيره فقال: إن بني عامر بن لؤي لا تجير على بني كعب بن لؤي، فبعثه إلى المطعم بن عدي ليجيره فقال: نعم قل له: فليأت.
فذهب إليه رسول الله فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح خرج معه هو وبنوه ستة - أو سبعة - متقلدي السيوف جميعا، فدخلوا المسجد وقال لرسول الله : طف واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف، فأقبل أبو سفيان إلى مطعم فقال: أمجير أو تابع؟
قال: لا بل مجير.
قال: إذا لا تخفر، فجلس معه حتى قضى رسول الله طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه وذهب أبو سفيان إلى مجلسه.
قال: فمكث أياما، ثم أذن له في الهجرة فلما هاجر رسول الله إلى المدينة توفي مطعم بن عدي بعده بيسير.
فقال حسان بن ثابت: والله لأرثينه فقال فيما قال:
فلو كان مجد مخلد اليوم واحد * من الناس نحي مجده اليوم مطعما
أجرت رسول الله منهم فأصبحوا * عبادك ما لبى محل وأحرما
فلو سئلت عنه معد بأسرها * وقحطان أو باقي بقية جرهما
لقالوا هو الموفي بخفرة جاره * وذمته يوما إذا ما تجشما
وما تطلع الشمس المنيرة فوقهم * على مثله فيهم أعز وأكرما
إباءً إذا يأبى وألين شيمة * وأنوم عن جار إذا الليل أظلما
قلت: ولهذا قال النبي يوم أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء النقباء لوهبتهم له».