قصيدة
انفاس حائرة
راكب فى حادث طائرة


فى اول البدء
اضواء باهرة
فى المطار
و الطائرة وازيزها
الرهيب
الركاب فى عبث
شديد
الكل يبدو غريب
الطيور المهاجرة
بدت مغردة
الكل تلاشى
خلف الافاق
الا تذكار الحبيب
الوطن البعيد
خلف الامنيات
يبدو قريب
كانت النساء
مورقة مثلما
الورود
كان التسيب
فى كل شئ
حتى فى شرب
الشاى
و التمجين فى منحدر
الردهات
الضحك مباح
الخوف يأبى
ان يمس الحروف
وهى لا يهمها البريق
فى الطريق
وهى فى مهب الرياح
فى المساء
لا تنتظر الصباح
بينما الطائرة
تركع فوق السحاب
اذ حوت
يضرب المؤخرة
فبدت تترنح
موصدة الابواب
كيف تسبح
الحيتان فى السماء
من لمح المعجزة
شاب
قال ثعبان
انهم يملؤون
الفضاء
*****
ياإلهى الرأفة
اول عصا الغريق
التسأل
بعيدا عن الفواجع
من ثم اضطراب
و اختلال المواقع
من ثم يتشبثون
بالخيال و الشوارع
و يتعلقون بمنحدر
الدموع
التى تشهد
بروعة القفول
من ثم الصبر
مثلما التلاميذ
فى الفصول
اول حصة الظنون
توشوش للسراب
وتصرخ تبحث
عن الحقيقة و الضباب
فى شاهقات النخيل
و سباطها السندسى
النحيل
المقل توازن
ما بين الرؤى و الوهم
و يأخذها اليأس الشريد
لا تتضح الضفاف
الا عند النجيل
ربما تجثو الطيور
بارتياح
الامال لا تنام
تسبح تحتهم
فوق المحيط
تصرخ و تشد
ثياب القيعان
الحادث صار
مؤكدا
انه يحدث الان
يافاجعة الايام
انتحر الامان
وقد كان عملاقا
و سيدا للمكان
يا لا الفاجعة
*****
راكب يجد
نفسه فى مأزق
يقبع فى ثقب
بين جناحى القرفصاء
يتمنى ان يتطلع
الى اول المسير
يتلفت تاره نحو اليمين
و تاره اخرى صوب الشمال
و يلح فى داخله السؤال
التساؤلات تلفح
الجباة
يصنع التجلد
فى تخيم البلاء
و يرضخ الى السقوط
بكل كبرياء
شمشون صار اسير
مقيد فى الاغلال
مسافر الى الاخرة
يحملق فى اقرب
الاشياء
يصنع على زعر
الوجوة
امنيات و رجاء
و اطمئنان يدق
ناقوس النجاة
و الطائرة المنكوبة
قد نكست الشراع
و صارت كابينة
القيادة
سكون الضياع
و يدب منها احاديت
الاستغراب
و زمجرة الالات
وسط الصراع
من اجل البقاء
الحياة تنادى
تحث العقول
صرخات
صرخات
*****
راكب فى حادث طائرة
ينتظر ان يغير
المصير
مثلما تبدل الشمس
الدجى
و تلقى وشاح
الشعاع لفاتنات
الصباح
يتوقف الوجوم
فوق مفرقيه
ويفرد الوشاح
مثلما الشريد
فى الفلاة
و قد اضناه
الجراح
ياليته لم يلحق
بالمطار
تلك هى القاضية
هلك عنه سلطانه
و بات فى مجرى
حادث
يوشك على القدوم
جاءت لحظات
النهاية
و اضحت تحوم
كالخيول تترى
بصهيل
تدك الثرى
و الرجاء الجميل
الفيضان يدك
امامه البؤساء
و لا يعبأ بالامانى
و الزلزال بكل قسوة
يدك النفوس و المبانى
صرخات
*****
الانوار تخفت
و الاصوات تتعالى
لحظات تلقى
فيها طوق الاستسلام
كم تتمنى ان تكون
القبطان
و تنقذ تلك السفينة
او ان تأتى القوافل
حافلة
من وراء القطبان
و العبوس
و تتمنى ان تجعل
على السحاب
قضبان
يهرول فوقها القطار
الى محطات الامان
ما اضعف الانسان
ينسى انياب
المجهول
و يعيش جهول
مثلما احفاد
الحجارة و الكهوف
لم يتعلم من تلك الدهور
لا تعبأ الخمائل
بأزهار العطور
نفس العقول
و نفس السطور
الاسلحة الان
هى نفس السيوف
و الزراعة بالرى
هى الزراعة بالشدوف
تقبع ياصاحبى
طود مثل رواسى
الجليد
قد ذابت فى الحرور
تقبع مثل المحيط
الشاسع الصافى
الشريد
و فى قلبه
نار تفور
و كأنها نيران
البهتان و الزور
اللحظات صارت
دموع
و العمر و الحياة
فى غروب
كم تتأجج الضلوع
النسيان اضحى
شموع
يسأل النهار
عن الرجوع
صرخات
صرخات
صار بعد لحظات
كفنه المحيط
و صمتت الصرخات
محمود العياط
من ديوان سفير الاسر و سفاح الحداثة